فصل: الباب العاشر: الدعوة إلى الله:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة



.واجبات الأمة:

يجب على الأمة نحو إمام المسلمين ما يلي:
1- طاعته في غير معصية الله:
1- قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء/59].
2- وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيْمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إلا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ». متفق عليه.
2- المناصحة:
عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «الدِّيْنُ النَّصِيحَةُ» قلنا: لمن؟ قال: «للهِ وَلِكَتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». أخرجه مسلم.
3- نصرته ومؤازرته في الحق:
قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)} [المائدة/2].
4- عدم الغش والخيانة لولاة الأمر وغيرهم:
1- قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)}...] الأنفال/27- 28 [.
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا». أخرجه مسلم.
5- لزوم الصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم:
1- عن أُسيد بن حُضير رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَلا بِرَسُولِ الله- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: أَلا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاناً؟ فَقَالَ: «إنَّكُمْ سَتَلْقَونَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ». متفق عليه.
2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً فَلْيَصْبِرْ، فَإنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْراً مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». متفق عليه.
6- طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق:
سأل سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله أَرَأَيْتَ إنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَ حَقَّهُمْ، وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثَمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثَمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم-: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ». أخرجه مسلم.
7- لزوم جماعة المسلمين وإمامهم عند ظهور الفتن وفي كل حال:
1- عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ الله- صلى الله عليه وسلم- عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا الله بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟.
قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَومٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ» فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟.
قَالَ: «نَعَمْ دُعَاةٌ على أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ الله صِفْهُمْ لَنَا، فَقَالَ: «نَعَمَ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله فَمَا تَرَى إنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟.
قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإمَامَهُمْ» فَقُلْتُ: فَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَو أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». متفق عليه.
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الجَمَاعَةَ، فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغضبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرهَا، وَلا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ». أخرجه مسلم.
3- وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْراً فَمَاتَ إلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». متفق عليه.
8- الإنكار بالحكمة على الأمراء فيما يخالف الشرع، وترك قتالهم ما صلَّوا:
عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله أَلا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لا. مَا صَلَّوا». أخرجه مسلم.

.الباب العاشر: الدعوة إلى الله:

وتشتمل على ما يلي:
1- كمال دين الإسلام.
2- حكمة خلق الإنسان.
3- عموم دين الإسلام.
4- الدعوة إلى الله.
5- وجوب الدعوة إلى الله.
6- أصول من دعوة الأنبياء والرسل.

.1- كمال دين الإسلام:

.فقه السنن الكونية:

الإسلام هو الدين الكامل الذي أكرم الله به البشرية، وبالإسلام تتحقق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، فالله عزَّ وجل خلق هذا الكون العظيم ليدل على عظمته وقدرته وكمال علمه، وجعل لكل مخلوق فيه سنة يسير عليها، وبها يتحقق مراد الله منه.
فلكل شيء سنة لا تتبدل إلا بأمر الله وحده: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)} [الفتح/23].
فالشمسُ لها سنة، والقمرُ له سنة، والليلُ له سنة، والنهار له سنة، والنبات له سنة، والحيوان له سنة، والرياح لها سنة، والمياه لها سنة، والكواكب لها سنة، والبحار لها سنة، والجبال لها سنة، وهكذا: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)} [يس/40].

.فقه السنن الشرعية:

والإنسان أيضاً مخلوق من مخلوقات الله، محتاج إلى سنة يسير عليها في جميع أحواله؛ ليسعد في الدنيا والآخرة، وهذه السنة هي الدين الذي أكرمه الله به ورضيه له، ولا يقبل منه غيره، وسعادته وشقاوته مرتبطة بمدى تمسكه به، أو إعراضه عنه، وهو مختار في قبوله أو رده.
1- قال الله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف/29].
2- وقال الله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)} [البقرة/38- 39].

.فضل الله على البشرية:

ولما خلق الله الإنسان سَخَّر له ما في السماوات وما في الأرض، وأنزل عليه الكتب، وأرسل إليه الرسل، وزوَّده بآلات العلم والمعرفة كالسمع والبصر والعقل، وشرفه بعبادة الله وحده لا شريك له.
1- قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان/20].
2- وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)} [النحل/78].
3- وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/36].

.أعظم النعم:

امتن الله على عباده بنعم كثيرة لا تُحصى أهمها.
نعمة الإيجاد.. ونعمة الإمداد.. ونعمة الهداية.
وأعظم هذه النعم وأجلها نعمة الإسلام الذي أرسل الله به محمداً- صلى الله عليه وسلم- إلى الناس كافة.
والإسلام دين الحق والعدل والإحسان وهو دين كامل شامل دائم:
يُنظم علاقة الإنسان مع ربه بعبادته وتوحيده وشكره، والتوجه إليه في جميع أموره، والخوف منه، والتوكل عليه، والذل له، والمحبة له، والتقرب إليه، والاستعانة به، وطلب مرضاته، وسبل الوصول إلى جنته، وكيفية النجاة من غضبه وعقابه.
- وينظم علاقة الإنسان مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بطاعته، ومحبته، واتباع سنته، وتصديق ما جاء به، والاقتداء به، وألّا يُعبد الله إلا بما شرع.
- وينظم علاقة الإنسان مع غيره، كالأم والأب، والزوجة والأولاد، والأقارب والجيران، والعالم والجاهل، والمسلم والكافر، والحاكم والمحكوم وغيرهم.
- وينظم معاملات الإنسان المالية بكسب الحلال، وتجنب الغش، والسماحة في البيع والشراء، والإنفاق في وجوه الخير، وتحري الصدق، وتجنب الربا والكذب، وكيفية توزيع الصدقات، وتقسيم المواريث ونحوها.
- وينظم الإسلام حياة الإنسان الزوجية، وتربية الأولاد، وصيانة الأسرة من الفساد، وينظم حياة الرجل والمرأة، في حال السراء والضراء، والغنى والفقر، والصحة والمرض، والأمن والخوف، والحضر والسفر.
- وينظم الإسلام سائر العلاقات على جسور متينة من الحب في الله، والبغض في الله، ويدعو إلى مكارم الأخلاق وجميل الصفات كالكرم والجود، والحياء والعفة، والصدق والبر، والعدل والإحسان، والرحمة والشفقة ونحوها.
- وينهى الإسلام عن كل شر وفساد، وظلم وطغيان، كالشرك بالله، والقتل بغير حق، والزنى، والكذب، والكبر، والنفاق، والسرقة، والغيبة، وأكل أموال الناس بالباطل، والربا، والخمر، والسحر، والرياء ونحو ذلك.
- وينظم بعد ذلك كله حياة الإنسان في الآخرة، وأنها مبنية على حياته في الدنيا، فمن جاء بالإيمان والأعمال الصالحة دخل الجنة، وسعد برؤية ربه سبحانه، وتمتع بما فيها مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، خالدين فيها أبداً، ومن جاء بالكفر والمعاصي دخل النار، يخلد فيها الكافر، ويعذب فيها العاصي بقدر ذنوبه، أو يغفر الله له.
1- قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة/3].
2- وقال الله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)} [آل عمران/164].
3- وقال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)
يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)} [المائدة/15- 16].
4- وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء/13- 14].
- وسيبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، ثم يعود غريباً كما بدأ.
1- عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ الله زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا...».
أخرجه مسلم.
2- وعن تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «لَيَبْلُغَنَّ هَذا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ الله بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إلا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بذلِّ ذلِيلٍ، عِزّاً يُعِزُّ اللهُ بهِ الإسْلامَ، وَذلًّا يُذِلُّ اللهُ بهِ الكُفْرَ». أخرجه أحمد والحاكم.
3- وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ الإسْلامَ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ المَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا». أخرجه مسلم وأحمد.
وفي لفظ لأحمد بعد «كَمَا بَدَأَ»: «فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» قيل: ومَنْ الغرباء؟ قال: «النُّزَّاعُ مِنَ القَبَائِلِ».

.سبيل الفوز والنجاة:

أكمل الله لنا الدين، وأتم به النعمة، ورضي الإسلام لنا ديناً.
فمن قَبِلَهُ سعد في الدنيا، ودخل الجنة يوم القيامة، ومن أعرض عنه شقي في الدنيا، ودخل النار يوم القيامة، ولن يقبل الله من أحد ديناً غير الإسلام.
1- قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة/3].
2- وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران/85].
3- وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله- صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَسْمَعُ بِي أحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأَمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ بهِ، إلا كَانَ مِنْ أصْحَابِ النَّارِ». أخرجه مسلم.

.فقه حركات الإنسان:

كل ما في الدنيا عَرَض قليل عاجل، ولا قيمة للدنيا بالنسبة لما في الآخرة، وكل ما يفعله الإنسان في الدنيا فأثره راجع إلى نفسه.
فإن كان شراَ فهو يجني شراً على نفسه، وإن كان خيراً فهو يجلب الخير لنفسه كما قال سبحانه: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)} [الإسراء/7].
وجميع حركات الإنسان في الدنيا إنما يبني بها مسكنه الذي سيصل إليه يوم القيامة، ويخلد فيه.
فالإنسان مقبلاً ومدبراً، قائماً وقاعداً، متكلماً وسامعاً، معطياً ومانعاً، داعياً ومعلماً، مقيماً أو مسافراً، إنما يبني بهذه الحركات المختلفة منزله ومقره النهائي في الآخرة.
فالمؤمن يبني به قصراً من قصور الجنة يخلد فيه، والكافر يبني به سجناً من سجون جهنم يخلد فيه.
فليس للإنسان في الآخرة إلا ما جناه في الدنيا، ولا حصاد له إلا مِنْ زَرْعِه الذي زَرَعه كما قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)} [فصلت/46].

.2- حكمة خلق الإنسان:

1- خلق الله هذا الكون للدلالة على كمال قدرته وعلمه، وكل شيء فيه يسبح بحمده عز وجل، وإذا عرف الإنسان ذلك أقبل على عبادة ربه، وحقق مراد الله منه، وشارك باقي المخلوقات في عبادة الله.
قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق/12].
2- خلق الله الجن والإنس لعبادته وحده لا شريك له.
قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} [الذاريات/56- 57].